علي الحبسي
علي الحبسي.. أسطورة عُمانية ألهمت العالم
هو اسم لا يمكن نسيانه في عالم كرة القدم الآسيوية، خاصة فيما يتعلق بالإنجازات التي حققها خارج حدود بلاده، إذ بدأ رحلته المتواضعة من قلب الخليج ووصل بها إلى قمة النجاح في الدوري الإنجليزي الممتاز.
لم تكن مسيرة نجاحه رياضية فقط، بل مثلت قصة إلهام لكل شاب عربي يحلم بالنجاح في الرياضة العالمية، كما لم يتوقف تأثيره عند حدود الملاعب.
إنه أسطورة سلطنة عمان، علي الحبسي، الذي اختارته قائمة تريند 11 برعاية شركة نيوم، الشريك العالمي للاتحاد الآسيوي لكرة القدم، في إطار تكريم الشخصيات الرياضية التي حققت إنجازات بارزة، وتسليط الضوء على أبرز الرياضيين والمساهمين في تطوير الرياضة والمجتمع في القارة.
أيقونة آسيوية
بدأت مسيرة علي الحبسي في عالم كرة القدم مع نادي المضيبي في سلطنة عمان، لكن موهبته الاستثنائية كحارس مرمى سرعان ما جذبت الأنظار وانتقلت به إلى ملاعب أوروبا، لكن توهجه الآسيوي ظل حاضرا عبر مشاركاته مع منتخب عمان، أو عبر محطته الأخيرة في كرة القدم والتي كانت آسيوية أيضا.
فمع منتخب عمان، حقق الحبسي إنجازات كبيرة، إذ فاز معه ببطولة كأس الخليج العربي مرتين في عامي 2009 و2017، وحصل في كلا البطولتين على لقب أفضل حارس مرمى، ومثلت بطولات أمم آسيا واحدة من أهم مشاركاته الدولية، إذ شارك في بطولات أعوام 2004 و2007 و2015.
وكانت بطولة عام 2004 هي الأبرز للحبسي مع منتخب عمان، فبالرغم من سوء الحظ الذي أوقعه في مجموعة صعبة مع اليابان وإيران، إلا أن ذلك لم يمنعه من تقديم 3 مباريات بأداء مبهر.
وفي عام 2007، شارك الحبسي في 4 مباريات في المجموعة الرابعة، التي ضمت أستراليا والعراق وتايلاند، وتأهل المنتخب العماني في هذه البطولة إلى ربع النهائي قبل أن يخسر أمام اليابان بركلات الترجيح بعد التعادل السلبي في الوقتين الأصلي والإضافي.
وفي بطولة عام 2015، شارك الحبسي في 3 مباريات في المجموعة الأولى، التي ضمت أستراليا وكوريا الجنوبية والكويت، وحرمته الإصابة من المشاركة في بطولة 2019، ليقرر بعدها اعتزال اللعب الدولي، في يناير/كانون الثاني 2019، لكنه استمر في اللعب لنادي "وست بروميتش ألبيون" الإنجليزي حتى عام 2020، الذي أعلن فيه اعتزال كرة القدم.
وفي ختام رحلته الكروية، كانت عودة الحبسي من الاحتراف الأوروبي إلى المنطقة العربية من بوابة نادي الهلال السعودي، حيث انضم إليه في عام 2017، وسرعان ما أصبح لاعبا أساسيًا من الفريق، وخلال تلك الفترة ساهم في تحقيق العديد من الألقاب المحلية والإقليمية، مما زاد من شهرته في الأوساط الرياضية الآسيوية، وأكد مكانته كأحد أفضل حراس المرمى في تاريخ القارة.
وما بين بداية مسيرة الحبسي ونهايتها توازت محطات تألقه الأوروبية مع الآسيوية، إذ انضم عام 2003 إلى نادي لين أوسلو النرويجي، وحصل على جائزة أفضل حارس مرمى في النرويج لهذا العام، مما فتح له الأبواب للانتقال إلى الدوري الإنجليزي الممتاز.
وفي عام 2006، وقع الحبسي مع نادي بولتون واندرز ليصبح بذلك أول لاعب عماني يلعب في الدوري الإنجليزي، ومع نادي ويغان أثليتيك، وصل الحبسي إلى قمة مجده الكروي حين ساعد الفريق في الفوز بـكأس الاتحاد الإنجليزي في موسم 2012-2013، وهو إنجاز تاريخي له وللنادي على حد سواء.
وإلى جانب ذلك، فاز الحبسي بجائزة أفضل لاعب في ويغان خلال الموسم، ما جعله واحدًا من أبرز حراس المرمى في تاريخ النادي الإنجليزي.
علاقة الحبسي بجماهيره مثلت قصة محبة وولاء من الصعب تكرارها، سواء في سلطنة عمان أو إنجلترا، ولم يكن من السهل أن يحظى لاعب عربي بشعبية جارفة بين جماهير إنجليزية، لكنه كان استثناءً، خاصة في مدينة ويغان، إذ أصبح معشوق الجماهير بسبب أدائه الرائع وتواضعه الكبير.
وكانت مواقف الحبسي الإنسانية مع العديد من المشجعين كلمة السر لشعبيته الواسعة، وإحدى أبرز الأمثلة على ذلك دعمه لشاب من مشجعي نادي ويغان، الذي كان يعاني من مرض خطير، إذ قام بزيارته في المستشفى وقدم له دعمًا معنويًا كبيرًا، مما أثر في مشجعي الفريق بشكل عميق.
وانعكس ذلك على شعبية الحبسي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهو يستخدم منصتي إكس وإنستغرام بشكل نشط، وحيث لديه أكثر من 1.5 مليون متابع عبرهما. .
يشارك الحبسي جمهوره مواقفه الإنسانية ومبادراته الخيرية عبر الحسابين، مما زاد من شعبيته ليس فقط في آسيا بل في جميع أنحاء العالم.
وفي سلطنة عمان، يعتبر الحبسي بطلًا شعبيًا، ولطالما وصفت وسائل الإعلام المحلية نجاحه في الخارج بأنه إنجاز وطني، حيث أصبح مثالاً لكل شاب عماني يحلم بالوصول إلى العالمية.
معشوق الجماهير
نهر العطاء
وإلى جانب مسيرته الرياضية المذهلة، عُرف الحبسي بكرمه وعطاءه، إذ بدأ في مساهمات العمل الخيري مبكرًا، مؤمنًا بأن نجاحه الرياضي يمكن أن يترجم إلى تأثير إيجابي على مجتمعه.
وفي عام 2018، أسس الحبسي أكاديمية علي الحبسي لكرة القدم في مسقط، والتي تهدف إلى تطوير مواهب الشباب العماني وتزويدهم بالتدريب اللازم للوصول إلى الاحتراف.
تقوم الأكاديمية على قيم الالتزام والانضباط، إلى جانب تطوير المهارات الفنية، وتسعى إلى دعم الأندية والمنتخبات العمانية بالمواهب الجديدة، مما يسهم في رفع مستوى كرة القدم العمانية.
لم يتوقف الحبسي عند هذا الحد، فقد شارك في العديد من المبادرات الخيرية لدعم الفئات المحرومة في عمان وآسيا من خلال تعاونه مع المؤسسات الخيرية، وعمل على تحسين البنية التحتية الرياضية في بلاده وتوفير الفرص للشباب المحرومين للوصول إلى التعليم والرياضة، كما ساهم في دعم برامج تعليم الأطفال، خاصة في المناطق الريفية داخل عمان وخارجها، مما جعله رمزًا للعطاء والمساهمة في المجتمع.
لم يكن علي الحبسي مجرد لاعب استثنائي في تاريخ سلطنة عمان وآسيا، بل قدم نموذجا للإنسانية والعطاء، ومن خلال مسيرته الكروية المشرفة نجح في كسب محبة الجماهير، سواء في عمان أو إنجلترا، وبنى جسورًا من الثقة والاحترام بينه وبين محبيه، كما ترك بصمة لا تُنسى من خلال مبادراته الخيرية التي أسهمت في تحسين حياة الكثيرين. وستبقى مسيرته مصدر إلهام لكل من يسعى للجمع بين النجاح الشخصي والمساهمة المجتمعية.
المزيد من القصص